لغز رونالدو.. الموت في أرض غريبة!

 

 

لغز رونالدو.. الموت في أرض غريبة!

3 يناير 2023
أحمد صلاح الدين

 


 

 

حقق نادي النصر السعودي صفقة ستبقى في صدارة صفحات التاريخ طويلا، فاختصر المسافات وحرق الكثير من المراحل في طريق تعزيز الاقتصاد الرياضي للمملكة العربية السعودية ككل وفقا لمتطلبات "رؤية 2030"، مقارنة بما كانت ستجنيه من تنظيم عدد من الأحداث العالمية الكبرى لعدة سنوات.

لكن بعيدا عن مكاسب النصر والمملكة، والنجاح الباهر في الظفر بصفقة بهذا الحجم ستفيد المنطقة ككل حتما من جوانب عدة، لتحقيق أهدافها الرياضية والثقافية على غرار ما جرى في مونديال قطر الاستثنائي، ستظل التساؤلات تحيط بقرار رونالدو لسنوات أيضا من أجل تفسيره، فالانتقال إلى الشرق الأوسط يعد بمثابة تناقض وتحول مفاجئ لأسطورة كان يتطلع قبل نحو شهرين فقط لمنافسة غريمه الدائم ليونيل ميسي على بلوغ نهائي كأس العالم 2022، والانتقال لمحطة ختامية مع أحد كبار أوروبا، ومن ثم تجديد الصراع بينهما على جوائز الأفضل في العالم والكرة الذهبية في نهاية مسيرته.

وراء هذا الاختيار غير المتوقع تبدو خيوط القصة متشابكة، فالظاهر أن رونالدو تنازل فجأة عن سمته المميزة: التحدي، واستسلم لانتهاء المقارنات بينه وميسي بعد تتويج الأخير بكأس العالم 2022، وبالتالي وضع حلمه المونديالي الضائع ومرارة تجاهله في منتخب البرتغال في مبارياتهم الأخيرة بقطر، حدا لطموحه على المستويات الكبرى.

لقد اختار رونالدو بنفسه طريق النهاية وأن تتجمد أو تموت أسطورته "مجازا" في أرض غريبة عن مستويات النخبة الأوروبية حيث صنع مجده الأبدي. كان القرار الأول قبل 4 أعوام بالرحيل عن ريال مدريد عاملا مهما في مسار رونالدو الأخير، إذ فقد به الكثير من دروع حمايته التي كانت تتوفر له في "سانتياجو برنابيو"، وسقط عنه جزء من الهالة الإعلامية التي ينسجها الميرنجي حول نجومه، بكل إيجابياتها، وظهر الفارق سريعا في تجربة يوفنتوس التي لم يستفد منها سوى بأرقامه الفردية، وتعزيز رصيده المالي.

يقال أحيانا إن العودة من الغربة لوطن أو بيت غبت عنه كثيرا وتبدلت ملامحه، ربما تأسرك في قيود غربة أكبر قد تجهز على ما تبقى من أحلامك. لم ينتبه رونالدو لذلك الفخ في خطوته التالية، وقفز للمجهول مدفوعا بالعاطفة فاختار أن يعود إلى يونايتد الذي لم يبق منه سوى اسمه، معتقدا أن بوجوده قد يتبدل الحال، غير أنه انزلق في حفرة أعمق وجرّ كل شيء لدائرة "الشخصنة" عندما لم تتحقق أهدافه، فكان كالمستجير من الرمضاء بالنار!

من جانب آخر، أظهر سلوك رونالدو في الآونة الأخيرة تهورا غير مسبوق قد يصلح للإشارة إلى صحة ما راج أخيرا عن شقاق وقع بينه ووكيل أعماله خورخي مينديز ربما فقد به "الدون" بوصلته وبقي وحيدا من غير مُوجّه، أمام نهم إعلام شغوف بالاستفادة من وهجه بأي صورة، فورط نفسه في حواره "المزلزل" مع بيرس مورجان، ثم ازداد التناقض بين تصريحاته بشأن عزمه الاعتزال في حال التتويج بكأس العالم وخطوة انضمامه للنصر لاحقا، وهي لمحة تسلط الضوء نوعا ما على تردده الشديد وغياب الرؤية بشأن الترتيب لمشهد إسدال الستار.

فوق كل ذلك بات رونالدو في محطاته الأخيرة (بعد الريال) متبوعا بسيف العمر، فسقط في عزلتين في نهاية المسيرة مع إعلام جائع لنهش نجم غير مستقر وهي عوامل كفيلة بقتل ما تبقى من طموح.

من بُعد مختلف قليلا، ربما أثرت تداعيات كورونا على أحلام رونالدو وأغلقت أمامه كل الطرق للبقاء في أوروبا خاصة أن الوقت الراهن يشهد اضطرابات اقتصادية عنيفة حول العالم، ولن تكون الرياضة فرعا شاردا عن الأصل. معاناة كبار القارة العجوز في عامي الجائحة امتدت لما بعدها، ففي موسمي ذروة الوباء (2019-20/ 2020-21) تكبدت الأندية خسائر بنحو 7 مليارات يورو مع انخفاض حاد في الإيرادات، وبالتالي انعدمت فرص تنقله بين فرق النخبة.

في الأخير، سيكون الزمن كفيلا كالعادة بالكشف عن كواليس هذه القصة الكبرى وأحجية قرارات رونالدو غير المرتبة، التي يعد المكسب الأكبر منها تلك الصفقة السعودية التي تعد قفزة ضخمة جديدة للعرب في طريق العالمية ومن الباب الكبير، سواء استفاد منها النصر فنيا أم لا!
 

إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم

اعلان